ما الفرق بين الميكروبات والفيروسات ؟ بعد أن اتضحت تماماً طبيعة الفيروسات أمام العلماء - ولو بصورة عامة - أصبح من الممكن الإجابة ببس...
ما الفرق بين الميكروبات والفيروسات ؟
بعد أن اتضحت تماماً طبيعة الفيروسات أمام العلماء - ولو بصورة عامة - أصبح من الممكن الإجابة ببساطة على السؤال الذي ظل لغزاً علمياً لعشرات السنين .
فإلى أن رأى علماء البيولوجيا الفيروسات بواسطة " الميكروسكوب الإلكترونى " كانوا يقسمون الكائنات الدقيقة إلى " كائنات تُرى " و " كائنات لا ترى " أى إلى " كائنات دقيقة و " كائنات أدق " .
فصحيح أن " الفيروسات " أصغر بكثير من " الميكروبات " وصحيح أن " الميكروبات " تمكن رؤيتها " بالميكروسكوب " العادى بينما لا تُرى " الفيروسات " إلا بواسطة " الميكروسكوب الإليكترونى " الأقوى من سابقه بكثير .
ولكن من المهم أن " الميكروبات " كائنات حية وهى كذلك من دون شك .
أما الفيروسات كائنات غير حية وهذا أيضاً أمرٌ فيه نظر .
إن " الفيروسات " كائنات تقف في المنطقة الفاصلة - أو الواصلة - بين الحياة وعدمها .
هى كائنات لديها بعض المقومات التي تجعل منها مادة حية ولكنها في الوقت نفسه تفتقد بعضاً آخر يجعلها محرومة من الحياة .
ويمكن القول بأن الفيروسات كائنات تريد أن تكون حية .
كما يمكن القول بأن الفيروسات كائنات في حالة سعىٍ مستمر لا يتوقف لأن تكون حية .
فعلماء البيولوجيا يؤكدون أنه من أجل أن نعتبر كائناً ما " كائناً حياً يجب أن يتكون من " خلايا حية " أو أن يتكون على الأقل من خلية حية واحدة .
و" الخلية الحية " يقسمها العلماء إلى نوعين بصفة عامة : " خلية حيوانية " و" خلية نباتية " وسواءً أكانت هذه أم تلك فهناك مكونات رئيسية ثابتة من دونها أو من دون بعضها لا يكون بوسعنا اعتبار أننا أمام " خلية حية " .
و" الميكروبات " كائنات صغيرة جداً لكنها " حية " .
فالميكروب يتكون على الأقل من خلية واحدة ذات بنية كاملة متكاملة تجعلنا نعتبرها خلية حية والكائن المكون ولو من خلية حية واحدة هو من دون جدال كائن حى .
لذلك يلجأ الفيروس إلى مهاجمة الخلايا الحية واحتلالها ثم هو يستعيض بمكوناتها وأجهزتها عما يفتقد هو من مقومات الخلية الحية .
وبهذا تتكامل للفيروس مقومات الحياة ويصبح مادة حية .
وبما أن التكاثر من أهم مقومات الحياة ومظاهرها فما أن يغزو الفيروس الخلية حتى يأخذ في تحقيق ما كان محروماً من تحقيقه في الماضى وقت أن كان مادة غير حية فيتكاثر بغزارة .
وهو يتكاثر بآلية خاصة به لا يشاركه فيها كائن آخر فهو يعيد إنتاج نفسه بمعدلات سريعة جداً .
فخطورة الفيروس تكمن في أنه يدير الخلية الحية التي تقع ضحية له لحساب نفسه ومن أجل تكاثره ويعرقل الوظائف الطبيعية التي وجدت من أجلها هذه الخلية .
وكل فيروس من الفيروسات الجديدة يبحث عن كائنات حية أخرى ليغزو خلاياها ويكرر معها ما حدث في السابق وهكذا بدون توقف وبدون حدود .
والخلاصة : أن الفيروس كائن حى وهو داخل الخلية الحية وكائن غير حى وهو خارجها .
والواقع أن الآليات التي تغزو بها الفيروسات الخلايا الحية والتي تصارع بها الكائنات الحية الفيروسات التي تهاجمها والتي تتكاثر بها الفيروسات هى أمور من أعقد ما واجه العلماء في تاريخ العلم .
ومن دون تفهم عميق ودقيق لتلك الآليات فلن يربح الإنسان معركته مع الفيروس .
والفيرولوجيا وهو العلم الذي يتفرغ علماؤه لدراسة الفيروسات علم حديث جداً نسبياً .
ولقد ولد هذا العلم فقط عندما أنهى علماء البيولوجيا مرحلة مطاردة الأشباح في تعرفهم على الفيروسات وأصبحوا يقفون على أرضٍ ثابتة من الواقع في نظرتهم إليها .
وعلينا أن نتذكر أن دراسة بنية الفيروس لم تبدأ إلا في خمسينيات القرن العشرين .
كان جهداً ولا يزال وعلى سبيل المثال : إستغرق إعداد نموذج صورى لفيروس شلل الأطفال جهد خمس سنوات من علماء الفيرولوجيا .
التعليقات